صدرك بما يدر من فوائده وينسكب من معاني استحسانه، وهو اختيار المبرد، ثم مثل القسمين فقال:

170-

كَجِيءَ وَعَنْ سُوءٍ وَشَاءَ اتِّصَالُهُ ... وَمَفْصُولُهُ في أُمِّهَا أَمْرُهُ إِلَى

أي اتصال الهمز بحرف المد في كلمة واحدة مثل "جيء" في قوله: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} 1. فهذا مثال الياء ومثله {سِيءَ بِهِمْ} ، والواو كقوله: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} 2. و {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ، الألف في نحو "شاء" و"جاء"، ثم مثل المفصول، وهو الالتقاء في كلمتين بقوله سبحانه: {فِي أُمِّهَا رَسُولًا} 3. فهذا مثال الياء ومثله: {أُولِي أَجْنِحَةٍ} 4، {يَا بَنِي آدَمَ} 5 والواو نحو: {قُوا أَنْفُسَكُمْ} 6، {قَالُوا آمَنَّا} 7.

ومثل الشاطبي -رحمه الله- بقوله: "أمره إلى" إعلاما بأن واو الصلة التي لا رسم لها في المصحف كغيرها، ومثله على قراءة ورش وغيره: "إنهمو أناس"، "عليهمو آياتنا".

ومثال الألف: {لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} 8، {أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ} 9، {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} 10.

وضا على الناظم تمثيل الألف من القرآن في هذا البيت، وإن كان حاصلا من جمعه بين المثالين في قوله أمها أمره؛ لأن الغرض تصوير المثال كما أنه في بيت آخر سيأتي مثل بـ "أوهلا" في آخر باب الهمز المفرد، فقال كآدم أوهلا، وليس أوهل في القرآن والهاء في اتصاله ومفصوله لحرف المد ومفصوله مبتدأ، وما بعده الخبر على حذف مضاف أي مثل هذا اللفظ وغلط من قال: الخبر في الجار والمجرور أي مستقر في المذكور؛ لأن في أمها لم يقصد به في البيت إلا حكاية ما في القرآن، وفي نحو قوله تعالى: {هَؤُلاء} مدان مد ألف "ها" من المنفصل، ومد الألف الأخيرة من المتصل فاعلم ذلك والله أعلم.

171-

وَمَا بَعْدَ هَمْزٍ ثَابِتٍ أَوْ مُغَيَّرٍ ... فَقَصْرٌ وَقَدْ يُرْوَى لِوَرْش مُطَوَّلا

أي والذي وقع من حروف المد بعد همز سواء كان ذلك الهمز ثابتا أو مغيرا ويعني بالثابت الباقي على لفظه وصورته وبالمغير ما لحقه نقل أو تسهيل أو إبدال على ما نبينه، وتقدير الكلام فإن انعكس ما ذكرناه فوقع حرف المد بعد الهمز، وهذا لا يكون إلا في المتصل؛ لأن حرف المد لا يقع أول كلمة؛ لاستحالة ذلك من أجل سكونه، فقوله: "وما" مبتدأ وخبره قوله: فقصر، أي فهو ذو قصر أو فحكمه قصر، ودخلت الفاء لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015