الوجه الرابع

إن الرفع قد يقال بأنه يقتضي سبق وضع ولم يكن القلم موضوعا على الصبي؟ وعن هذا أجوبة: أحدهما: أن الرفع لا يستدعي تقدم وضع، كما قال يوسف الصديق - على نبينا وعليه السلام -: (إِنّي تَركتُ مِلَّةَ قَومٍ لا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرون) ، ومن المعلوم أن يوسف عليه السلام لم يكن على تلك الملة قط، وقال شعيب - على نبينا وعليه السلام - لما قاله له قومه: (لَنُخرِجَنَّكَ ياشُعَيبُ وَالَّذِينَ آمَنوا وَالَّذينَ آمنوا مَعَكَ مِن قَريَتِنا أَو لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنا قالَ أَو لَو كُنّا كارِهينَ، قَدِ افتَرَينا عَلَى اللَهِ كَذِباً إِن عُدنا في مِلَّتِكُم بَعدَ إِذ نَجّانا اللَهُ مِنها وَما يَكونُ لَنا أَن نَّعودَ فيها إِلاَّ أَن يَشاءَ اللَهُ رَبُّنا وَسِعَ كُلَّ شيءٍ عِلماً) ، ومن المعلوم أن شعيبا - عليه السلام - لم يكن في تلك الملة.

فإن قلت: أنت فسرت الرفع بأنه نقل من سفل إلى علو وذلك يستدعي تقدم وضع ضرورة؟ قلت: حقيقة اللفظ ذلك، ولكن قد يستعلم فيما هو بصدد أن يوضع فيسمى المنع من وضعه إقامة لما بالقوة مقام ما بالفعل، فكأنه كان موضوعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015