ثلاثة، ثالثها: الفرق المذكور.

ابن عبد السلام: وإنما خالف مالكا والليث سائر الفقهاء؛ لأن فيه قبول الدعوى دون بينة، وقد علم أن الأموال أضعف حرمة من الدماء، ومع ذلك لم تقبل فيها الدعوى، فكيف تقبل دعوى القتل بهذه الحجة الضعيفة؟ !

فإن قلت: قيل: كما يحتاط للدماء أن تراق فكذلك يحتاط لها أن تضيع.

قلت: شتان ما بين الاحتياطين. الثاني: دم فات وهذا دم يراق، إلا أنه كما قال بعض المفتين: لأن يقال: ألم تقتله؟ أحب إلي من أن يقال: لم قتلته؟

فإن قلت: أفتى مالك بحضرة أصحابه بقتل رجل، فلما ذهب به ليقتل جعل مالك يتطاول بعنقه وقد اصفر لونه، ثم قال لأصحابه: لا تظنوا أني ندمت في فتياي، ولكنني خفت أن يذهب من أيديهم فتضيع حدود الله.

قلت: هذا مسلم؛ لأنه في قصاص ثبت، والقائل بإعمال التدمية وإن لم يظهر أثر- أصبغ، وهو ظاهر إطلاق الروايات، والقائل بإلغائها حتى يظهر الأثر - ابن كنانة، واختاره اللخمي وابن رشد، وبه العمل.

قال اللخمي: إلا أن يعلم أنه قد كان بينهما قتال ويلزم الفراش عقب ذلك أو كان يتصرف تصرف مشتك عليه دليل المرض، وتمادى به ذلك حتى هلك.

وباختيار اللخمي هذا أفتيت في نازلة (وقعت من سنة خمس عشرة وثمانمائة أرسل بها إلي الخليفة المعظم أبو فارس عبد العزيز بن الخليفة المرحوم أبي العباس أحمد الحفصي فأمر أن نفتي فيها بما ظهر لي صوابه)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015