ويؤيد هذا قول الفقهاء: من ماتت وهي حامل بحمل حي لم يحل شق بطنها لإخراجه، ولو غلب الظن، أو لو تيقنا خروجه حيا، إلا إذا خرج بعضه حيا فيشق للباقي، فإذا كان هذا في الميتة فكيف حال الحي؛ فالمؤمن بدنه محترم حيا وميتا.

ويؤخذ من هذا أيضا أن الدم نجس خبيث، وكل نجس خبيث لا يحل التداوي به، مع ما يخشى عند أخذ دم الإنسان من هلاك أو مرض، فهذا من حجج هذا القول.

ومن الناس من يقول: لا بأس بذلك؛ لأننا إذا طبقنا هذه المسألة على الأصل العظيم للمحيط الشرعي - صارت من أوائل ما يدخل فيه، وأن ذلك مباح، بل ربما يكون مستحبا، وذلك أن الأصل: إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، فإن رجحت المفاسد أو تكافأت منع منه، وصار درء المفاسد في هذه الحال أولى من جلب المصالح، وإن رجحت المصالح والمنافع على المفاسد والمضار اتبعت المصالح الراجحة. وهذه المذكورات مصالحها عظيمة معروفة، ومضارها إذا قدرت فهي جزئية يسيرة منغمرة في المصالح المتنوعة.

ويؤيد هذا: أن حجة القول الأول، وهي: أن الأصل أن بدن الإنسان محترم لا يباح بالإباحة، متى اعتبرنا فيه هذا الأصل، فإنه يباح كثير من ذلك للمصلحة الكثيرة المنغمرة في المفسدة بفقد ذلك العضو أو التمثيل به، فإنه يباح لمن وقعت فيه الآكلة التي يخشى أن ترعى بقية بدنه، يجوز قطع العضو المتآكل لسلامة الباقي، وكذلك يجوز قطع الضلع التي لا خطر في قطعها، ويجوز التمثيل في البدن بشق البطن أو غيره؛ للتمكن من علاج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015