لهما بينة إلا دعواهما، فقال: " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار (?) » رواه أبو داود في السنن، وفيه: «فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لك، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أما إذا فعلتما ما فعلتما فاقتسما، وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم تحالا (?) » .

فهذه السنة - كما ترى - قد جاءت بالقرعة، كما جاء بها الكتاب، وفعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده. قال البخاري في [صحيحه] : (ويذكر أن قوما اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد) وقد صنف أبو بكر الخلال مصنفا في القرعة، وهو في جامعه، فذكر مقاصده. قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم وجعفر بن محمد: القرعة جائزة. وقال يعقوب بن بختان: سئل أبو عبد الله عن القرعة ومن قال: إنها قمار؟ قال: إن كان ممن سمع الحديث فهذا كلام رجل له خبر يزعم أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قمار.

وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن ابن أكثم يقول: إن القرعة قمار، قال: هذا قول رديء خبيث، ثم قال: كيف؛ وقد يحكمون هم بالقرعة في وقت إذا قسمت الدار ولم يرضوا قالوا: يقرع بينهم، وهو يقول: لو أن رجلا له أربع نسوة فطلق إحداهن وتزوج الخامسة ولم يدر أيتهن التي طلق، قال: يورثهن جميعا، ويأمرهن أن يعتددن جميعا، وقد ورث من لا ميراث لها. وقد أمر أن تعتد من لا عدة عليها، والقرعة تصيب الحق، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو الحارث: كتبت إلى أبي عبد الله أسأله، فقلت: إن بعض الناس ينكر القرعة ويقول: هي قمار اليوم، ويقول: هي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015