طيب نفسها، فقال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (?)

والآية التي احتجوا بها لا حجة لهم فيها؛ لأن الفاحشة المبينة من جهة النطق أن تبذو عليه، وتشتم عرضه، وتخالف أمره؛ لأن كل فاحشة أتت في القرآن منعوتة بمبينة، فهي من جهة النطق، وكل فاحشة أتت فيه مطلقة فهي الزنا، والاستثناء المذكور فيها منفصل، فمعنى الآية: لكن إن نشزت عليكم وخالفت أمركم حل لكم ما ذهبتم به من أموالهن، معناه: إذا كان ذلك عن طيب أنفسهن، ولا يكون ذلك عن طيب أنفسهن إلا إذا لم يكن منهم إليهن ضرر ولا تضييق، فعلى هذا التأويل تتفق آي القرآن ولا تتعارض، وقد قيل في تأويل الآية غير هذا، وهذا أحسن، وذهب إسماعيل القاضي إلى أن الخلع يجوز، ويسوغ للزوج ما أخذ منها على الطلاق إذا كان النشوز والكراهة منها، وإذا خافا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به. وليس قوله مخالفا لما حكيناه عن مالك وأصحابه رحمهم الله تعالى: من أن الخلع لا يجوز للزوج وإن كرهته المرأة ونشزت عليه وأضرت به إذا قارضها على بعض ذلك؛ لأنه إنما حمل المخافة على بابها، فأباح الفدية قبل وقوع ما خافاه مخافة أن يقع ما إذا كره كل واحد منهما صاحبه، وخاف هو إن أمسكها أن لا يقيم حدود الله فيها من أجل كراهته إياها، وخافت هي أن لا تقوم بما يلزمها من حقه فخالعته مخافة الإثم والحرج فقد أعطته مالها على الطلاق طيبة بها نفسها إذ لم يضطرها إلى ذلك بإضرار كان منه إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015