الصحابة مما تتوفر الدواعي على نقله، فنقله آحادا يوجب رده، اللهم إلا أن يحمل الحديث على ما تقدم من أن الطلاق كان على وجه التكرار مع قصد التأكيد أو قد كان بلفظ ألبتة فاختلف الحكم فيه لاختلاف النية.

وقد يناقش: ألا يراد بالمنع أن يكون ما ذكر مما توفر الدواعي على نقله، وأنه على تقدير أن يكون من ذلك، فللمستدل أن يقول: إن الحديث قد اشتهر نقله وصح سنده ولم يجرؤ أحد على تكذيبه أو تضعيفه بوجه يعتبر مثله، كما اشتهر نقل مخالفة فتوى عمر وابن عباس لظاهره، ويشهد لهذا اشتغال العلماء سلفا وخلفا بالأمرين، فبعضهم يؤول الحديث ليتفق مع الفتاوى، وبعضهم يذهب إلى بيان وجه مخالفة الفتاوى له ويبقيه على ظاهره، ويعتذر عن الفتوى بخلافه، وبعضهم يعارضه بفتوى ابن عباس ويقدم العمل بها عليه، إلى غير هذا مما يدل على شهرة النقل للأمرين، وعلى تقدير عدم الشهرة فكم من أمر تتوفر الدواعي على نقله قد نقل آحادا وعمل به جمع من أئمة الفقهاء ورده آخرون بهذه الدعوى.

وأجيب تاسعا: بأن الحديث مضطرب سندا ومتنا:

أما اضطراب سنده: فلروايته تارة عن طاوس عن ابن عباس، وتارة عن طاوس عن أبي الصهباء عن ابن عباس، وتارة عن أبي الجوزاء عن ابن عباس.

وأما اضطراب متنه: فإن أبا الصهباء تارة يقول: ألم تعلم أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة؟ وتارة يقول: ألم تعلم أن الطلاق الثلاث كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015