محمود بن لبيد دليل على اعتبار إيقاع الثلاث دفعة ثلاثا؛ لأن الزوج طلق ثلاثا يظنها لازمة له، فلو كانت غير لازمة لبين له صلى الله عليه وسلم لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وقد أجيب عن أصل الاستدلال: بأن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ تطليقات عويمر على الوجه الذي كان معروفا في عهده من اعتبارها واحدة رجعية، ثم حرمها عليه تحريما أبديا، بدليل قوله في الحديث: (فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما) فإن التفريق يتأتى مع بقاء النكاح، بخلاف ما إذا اعتبرت تطليقات عويمر ثلاثا، فإنها تكون أجنبية منه بذلك محرمة عليه حتى تنكح زوجا غيره.

وكذلك يقال فيما أمضاه على المطلق في حديث محمود بن لبيد، فإن حمله على ما كان معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم أقرب من حمله على الثلاث؛ بل هو المتعين.

ثانيا: حديث من طلقها زوجها ثلاثا وأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيحها لزوجها الأول حتى يطأها الثاني، قالوا: الظاهر أنه طلقها ثلاثا مجموعة فأمضاها عليه النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لحلت للأول دون أن تذوق عسيلة الثاني.

وأجيب: بأنه ورد في بعض الروايات أن الأول طلقها آخر ثلاث تطليقات، وعلى تقدير تعدد القصة وأن هذه الرواية كانت في إحداهما فكل منهما ليس فيها ما يدل على أن التطليقات كانت مجموعة؛ لجواز أن تكون متفرقة، بل في الحديث ما يدل على تفرقها، فإنه لا يقال: طلق ثلاثا إلا لمن فعل ذلك مرة بعد مرة، كما يقال: سلم ثلاثا، وسبح ثلاثا، ومع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015