قيل له، وإذا فجزمك بكونه بكلمة واحدة لا وجه له، وإذا لم يتعين في الحديث كون الثلاث بلفظ واحد سقط الاستدلال به من أصله في محل النزاع.

ومما يدل على أنه لا يلزم من لفظ طلاق الثلاث في هذا الحديث كونها بكلمة واحدة: أن الإمام أبا عبد الرحمن النسائي مع جلالته وعلمه وشدة فهمه، ما فهم من هذا الحديث- إلا أن المراد بطلاق الثلاث لفظه: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق بتفريق الطلقات؛ لأن لفظ الثلاث أظهر في إيقاع الطلاق ثلاث مرات؛ ولذا ترجم في [سننه] لرواية أبي داود المذكورة في هذا الحديث، وقد سبق في الوجه الثالث ثم قال: فترى هذا الإمام الجليل صرح بأن طلاق الثلاث في هذا الحديث ليس بلفظ واحد، بل بألفاظ متفرقة، ويدل على صحة ما فهمه النسائي - رحمه الله - من الحديث ما ذكره العلامة ابن القيم - رحمه الله - في [زاد المعاد] في الرد على من استدل لوقوع الثلاث دفعة بحديث عائشة: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت الحديث.

فإنه قال فيه ما نصه: ولكن أين في الحديث أنه طلق الثلاث بفم واحد؟ بل الحديث حجة لنا، فإنه لا يقال فعل ذلك ثلاثا، وقال ثلاثا إلا من فعل، وقال مرة بعد مرة، وهذا هو المعقول في لغات الأمم عربهم وعجمهم، كما يقال قذفه ثلاثا وشتمه ثلاثا وسلم عليه ثلاثا. اهـ. بلفظه.

وهو دليل واضح لصحة ما فهمه النسائي - رحمه الله - من الحديث، لأن لفظ الثلاث في جميع رواياته أظهر في أنها طلقات ثلاث واقعة مرة بعد مرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015