فقال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (?) يريد: أكثر الطلاق الذي يمكن بعده الإمساك بالمعروف، وهو: الرجعة في العدة، ومعنى قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (?) يريد تركها بلا ارتجاع حتى تنقضي عدتها، وفي ذلك إحسان إليه وإليها إن وقع ندم منهما، قال الله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (?) يريد الندم على الفرقة، والرغبة في المراجعة، وموقع الثلاث غير محسن؛ لأنه ترك المندوحة التي وسع الله تعالى بها ونبه عليها، فذكر الله سبحانه وتعالى لفظ الطلاق مفرقا، فدل على أنه إذا جمع أنه لفظ واحد، فتدبره.

وقد يخرج من غير ما مسألة من الديانة ما يدل على ذلك.

من ذلك قول الرجل: ما لي صدقة في المساكين: أن الثلث من ذلك يجزيه ... هذا كله لفظ صاحب الكتاب بحروفه. أفترى الجاهل الظالم المعتدي يجعل هؤلاء كلهم كفارا مباحة دماؤهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، بل هؤلاء من أكابر أهل العلم والدين، وذنبهم عند أهل العمى أهل التقليد: كونهم لم يرضوا لأنفسهم بما رضي به المقلدون، فردوا ما تنازع فيه المسلمون إلى الله ورسوله (وتلك شكاة ظاهر عنك عارها) .

الوجه العشرون: أن هذا مذهب أهل الظاهر: داود وأصحابه، وذنبهم عند كثير من الناس أخذهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم، ونبذهم القياس، وراء ظهورهم، فلم يعبأوا به شيئا، وخالفهم أبو محمد بن حزم في ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015