أبي الصهباء - ثم قال: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا معا، فقد وقعت عليها واحدة، إذا كانت في وقت سنة، وذلك أن تكون طاهرا في غير جماع، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا: لما كان الله عز وجل إنما أمر عباده أن يطلقوا لوقت على صفة، فطلقوا على غير ما أمرهم به لم يقع طلاقهم، ألا ترى لو أن رجلا أمر رجلا أن يطلق امرأته في وقت فطلقها في غيره، أو أمره أن يطلقها على شريطة فطلقها على غير تلك الشريطة أن طلاقه لا يقع إذ كان قد خالف ما أمر به ... ؟ ثم ذكر حجج الآخرين، والجواب عن حجج هؤلاء على عادة أهل العلم والدين في إنصاف مخالفيهم والبحث معهم، ولم يسلك طريق جاهل ظالم معتد، يبرك على ركبتيه ويفجر عينيه ويعول بمنصبه لا بعلمه، وبسوء قصده لا بحسن فهمه، ويقول: القول بهذه المسألة كفر يوجب ضرب العنق ليبهت خصمه ويمنعه عن بسط لسانه، والجري معه في ميدانه، والله تعالى عند لسان كل قائل، وهو له يوم الوقوف بين يديه عما قاله سائل.

الوجه السابع عشر: أن شيخنا حكى عن جده أبي البركات: أنه كان يفتي بذلك أحيانا سرا، وقال في بعض [مصنفاته] : هذا قول بعض أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد.

قلت: أما المالكية فقد حكينا الخلاف عنهم، وأما بعض أصحاب أبي حنيفة فإنه محمد بن مقاتل من الطبقة الثانية من أصحاب أبي حنيفة، وأما بعض أصحاب أحمد فإن كان أراد إفتاء جده بذلك أحيانا، وإلا فلم أقف على نقل لأحد منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015