وكان أصل ذلك في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (?) و {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (?) وإنما ذلك لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة نكاح وزوال بعض مقاصد النكاح من حجر الفراش.

ثم إنه وكد ذلك بأن جعل للنكاح حريما من العدة يزيد على مقدار الاستبراء، وأثبت له أحكاما من المصاهرة وحرمتها ومن الموارثة الزائدة على مجرد مقصود الاستمتاع، فعلم أن الشارع جعله سببا وصلة بين الناس بمنزلة الرحم كما جعل بينهما في قوله تعالى: {نَسَبًا وَصِهْرًا} (?) وهذه المقاصد تمنع اشتباهه بالسفاح، وتبين أن نكاح المحلل بالسفاح أشبه منه بالنكاح حيث كانت هذه الخصائص غير متيقنة فيه.

(الثالث عشر) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يجمع الرجل بين سلف وبيع (?) » ، وهو حديث صحيح ومعلوم أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر صح؛ وإنما ذاك لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يقرضه ألفا ويبيعه ثمانمائة بألف أخرى، فيكون قد أعطاه ألفا وسلعة بثمانمائة، ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا.

ومن العجب أن بعض من أراد أن يحتج للبطلان في مسألة مد عجوة قال: إن من جوزها يجوز أن يبيع الرجل ألف دينار ومنديلا بألف وخمسمائة دينار تبر، يقصد بذلك: أن هذا ذريعة إلى الربا، وهذه علة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015