وذلك كما لو رأى إنسانا يعدو وبيده عمامة، وعلى رأسه عمامة، وآخر خلفه حاسر الرأس، ممن ليس شأنه أن يمشي حاسر الرأس، فإنا نقطع أن العمامة التي بيده للآخر، ولا يلتفت إلى تلك اليد.

ويجب العمل قطعا بهذه القرائن. فإن العلم المستفاد منها أقوى بكثير من الظن المستفاد من مجرد اليد، بل اليد هنا لا تفيد ظنا البتة. فكيف تقدم على ما هو مقطوع به، أو كالمقطوع به؟

وكذلك إذا رأينا رجلا يقود فرسا مسرجا ولجامه وآلة ركوبه، وليست من مراكبة في العادة، ووراءه أمير ماش، أو من ليس من عادته المشي- فإنا نقطع أن يده مبطلة.

وكذلك المتهم بالسرقة إذا شوهدت العملة معه وليس من أهلها، كما إذا رؤي معه القماش والجواهر ونحوها مما ليس من شأنه وادعى أنها ملكه وفي يده - لم يلتفت إلى ملك اليد.

وكذلك كل يد تدل القرائن الظاهرة التي توجب القطع أو تكاد: أنها يد مبطلة لا حكم لها، ولا يقضى بها.

فإذا قضينا باليد، فإنما نقضي بها إذا لم يعارضها ما هو أقوى منها.

وإذا كانت اليد ترفع بالنكول، وبالشاهد الواحد مع اليمين، وباليمين المردودة. فلأن ترفع بما هو أقوى من ذلك بكثير بطريق الأولى. فهذا مما لا يرتاب فيه: أنه من أحكام العدل الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، ووضعه بين عباده.

فالأيدي ثلاثة:

الأولى: يد يعلم أنها مبطلة ظالمة فلا يلتفت إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015