وقد أجاب ابن قدامة عن أدلة القائلين بالإباحة جوابا إجماليا:

فقال: وأما حديث المتلاعنين فغير لازم؛ لأن الفرقة لم تقع بالطلاق، فإنها وقعت بمجرد لعان الزوج فلا حجة فيه.

ثم إن اللعان يوجب تحريما مؤبدا، فالطلاق بعده كالطلاق بعد انفساخ النكاح بالرضاع أو غيره، ولأن جمع الثلاث إنما حرم لما يعقبه من الندم، ويحصل به من الضرر ويفوت عليه من حل نكاحها، ولا يحصل ذلك بالطلاق بعد اللعان لحصوله باللعان.

وسائر الأحاديث لم يقع فيها جمع الثلاث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مقرا عليه، ولا حضر المطلق عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك لينكر عليه. على أن حديث فاطمة قد جاء فيه: أنه أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها، وحديث امرأة رفاعة جاء فيه أنه طلقها آخر ثلاث تطليقات، متفق عليه، فلم يكن في شيء من ذلك جمع الثلاث. ولا خلاف بين الجميع في أن الاختيار والأولى أن يطلقها في كل قرء طلقة، والأولى أولى، فإن في ذلك امتثالا لأمر الله سبحانه، وموافقة لقول السلف، وأمنا من الندم، فإنه متى ندم راجعها فإن فاته ذلك بانقضاء عدتها فله نكاحها. (?)

وقال ابن حزم: وجدنا من حجة من قال: إن الطلاق الثلاث مجموعة سنة لا بدعة، قول الله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015