النعمة فيها يرجع إلى البدن؛ لأنها تدفع الحاجة الضرورية وهي حاجة دفع الهلاك عن البدن؛ فكانت تابعة لنعمة البدن، فكان شكرها شكر نعمة البدن، وهي العبادات البدنية من الصلاة والصوم وغير ذلك.

وقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (?) دليلنا؛ لأن الزكاة عبارة عن النماء، وذلك من المال النامي على التفسير الذي ذكرناه، وهو أن يكون معدا للاستنماء، وذلك بالإعداد للإسامة في المواشي والتجارة في أموال التجارة، إلا أن الإعداد للتجارة في الأثمان المطلقة من الذهب والفضة ثابت بأصل الخلقة؛ لأنها لا تصلح للانتفاع بأعيانها في دفع الحوائج الأصلية، فلا حاجة إلى الإعداد من العبد للتجارة بالنية، إذ النية للتعيين وهي متعينة للتجارة بأصل الخلقة، فلا حاجة إلى التعيين بالنية، فتجب الزكاة فيها، نوى التجارة، أو لم ينو أصلا، أو نوى النفقة.

وأما فيما سوى الأثمان من العروض فإنما يكون الإعداد فيها للتجارة بالنية؛ لأنها كما تصلح للتجارة تصلح للانتفاع بأعيانها، بل المقصود الأصلي منها ذلك، فلا بد من التعيين للتجارة وذلك بالنية، وكذا في المواشي لا بد فيها من نية الإسامة؛ لأنها كما تصلح للدر والنسل تصلح للحمل والركوب واللحم فلا بد من النية، ثم نية التجارة الإسامة لا تعتبر ما لم تتصل بفعل التجارة والإسامة؛ لأن مجرد النية لا عبرة به في الأحكام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عفا عن أمتي ما تحدثت به أنفسهم ما لم يتكلموا به أو يفعلوا (?) » ثم نية التجارة قد تكون صريحا وقد تكون دلالة.

أما الصريح فهو أن ينوي عند عقد التجارة أن يكون المملوك به للتجارة، بأن اشترى سلعة ونوى أن تكون للتجارة عند الشراء فتصير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015