وجه قول أصحاب الظواهر: أن وجوب الزكاة إنما عرف بالنص، والنص ورد بوجوبها في الدراهم، والدنانير، والسوائم، فلو وجبت بالقياس عليها والقياس ليس بحجة خصوصا في باب المقادير.

(ولنا) ما روي عن سمرة بن جندب أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإخراج الزكاة من الرقيق الذي كنا نعده للبيع» ، وروي عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في البر صدقة» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «هاتوا ربع عشر أموالكم (?) » .

فإن قيل: الحديث ورد في نصاب الدراهم؛ لأنه قال في آخره: «من كل أربعين درهما درهم (?) » .

فالجواب: أن أول الحديث عام وخصوص آخره لا يوجب سلب عموم أوله، أو نحمل قوله: من كل أربعين درهم على القيمة، أي: من كل أربعين درهما من قيمتها درهم.

وقال صلى الله عليه وسلم: «وأدوا زكاة أموالكم (?) » من غير فصل بين مال ومال، إلا ما خص بدليل، ولأن مال التجارة مال نام فاضل عن الحاجة الأصلية، فيكون مال الزكاة كالسوائم، وقد خرج الجواب عن قولهم: إن وجوب الزكاة عرف بالنص؛ لأنا قد روينا بالنص في الباب على أن أصل الوجوب عرف بالعقل، وهو شكر لنعمة الله، وشكر نعمة القدرة في إعانة العاجز، إلا أن مقدار الواجب عرف بالسنة، وما ذكره مالك غير سديد؛ لأنه وجد سبب وجوب الزكاة وشرطه في كل حول؛ فلا معنى لتخصيص الحول الأول بالوجوب فيه، كالسوائم والدراهم والدنانير، وسواء كان مال التجارة عروضا، أو عقارا، أو شيئا مما يكال أو يوزن؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015