صاحب أبي حنيفة وكلام أبي عبيدة يرجحه، فإنه قال: نهي عن ذلك؛ لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت أو تعوقت عن السير.

ثالثها: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس حكاه الخطابي، وعليه يدل تبويب البخاري، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أم حبيبة أم المؤمنين مرفوعا: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس (?) » أخرجه النسائي من حديث أم سلمة أيضا، والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني من طريق عثمان بن عمر المذكور بلفظ: «لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع (?) » .

(قلت) : ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك إلا على القول الثالث فلم تجر العادة بتعليق الأجراس في رقاب الخيل، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي وهب الحساني رفعه: «اربطوا الخيل وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار (?) » فدل على أن لا اختصاص للإبل، فلعل التقييد بها في الترجمة للغالب، وقد حمل النضر بن شميل الأوتار في هذا الحديث على معنى الثأر، فقال: معناه: لا تطلبوا بها ذحول الجاهلية، قال القرطبي: وهو تأويل بعيد، وقال النووي: ضعيف، وإلى نحو قول النضر جنح وكيع، فقال: المعنى لا تركبوا الخيل في الفتن، فإن من ركبها لم يسلم أن يتعلق به وتر يطلب به.

والدليل على أن المراد بالأوتار جمع الوتر بالتحريك لا الوتر بالإسكان: ما رواه أبو داود أيضا من حديث رويفع بن ثابت: «من عقد لحيته أو تقلد وترا فإن محمدا بريء منه (?) » ، فإنه عند الرواة أجمع بفتح المثناة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015