المقدسة سماعا صريحا لا في كل وقت، وإنما ذلك في استغراقه وفنائه في الله تعالى.

والمرتبة الثانية في القرآن دون هذه: وهي من عرف معاني القرآن ظاهرا وألقى سمعه عند تلاوته كأنه يسمعه من الله يقصه عليه، ويتلوه عليه مع وفائه بالحدود، فهذا أيضا لاحق بالمرتبة الأولى إلا أنه دونها.

والمرتبة الثالثة: رجل لا يعلم شيئا من معانيه ليس إلا سرد حروفه ولا يعلم ما تدل عليه من العلوم والمعارف - فهذا إن كان مهتديا كسائر الأعاجم الذين لا يعلمون معاني العربية إلا أنه يعتقد أنه كلام الله ويلقي سمعه عند تلاوته معتقدا أن الله يتلو عليه تلاوة لا يعلم معناها، فهذا لاحق في الفضل بالمرتبتين إلا أنه منحط عنهما بكثير كثير.

والمرتبة الرابعة: رجل يتلو القرآن، وسواء علم معانيه أو لم يعلم، إلا أنه متجرئ على معصية الله غير متوقف عن شيء منها، فهذا لا يكون القرآن في حقه أفضل، بل كلما ازداد تلاوة ازداد ذنبا وتعاظم عليه الهلاك، يشهد له قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ} (?) إلى قوله: {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} (?) وقوله: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (?) إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?) . . . ثم قال ما نصه: (فمثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015