لم تقدر على الانصراف، فإن قدرت عليه لم تجب، لأن له طردها. وذكر الإمام النووي ما معناه: إذا كان مع الإنسان دابة من حمار وغيره لزمه أن يحصل لها الماء لعطشها حتى لو لم يجد ماء إلا مع شخص آخر لا حاجة له به وامتنع من سقي الحمار أو الكلب جاز لصاحب الدابة أن يكابره عليه إذا امتنع من بيعه، فيأخذه منه قهرا لكلبه ودابته، كما يأخذه لنفسه، فإن كابره فأتى الدفع على نفس صاحب الماء كان دمه هدرا، وإن أتى على صاحب الكلب كان مضمونا. ولم يفصل النووي في هذا بين ما إذا كان الحمار أو الكلب ميئوسا منه أو غير ميئوس أو يمكن الانتفاع به أو لا، كما صرح به من قبل.

وجاء في [مغني المحتاج] : وعليه علف دوابه وسقيها فإن امتنع أجبر في الحيوان المأكول على بيع أو علف أو ذبح وفي غيره على بيع أو علف، ويحرم ذبحه للنهي عن ذبح الحيوان إلا لأكله.

وأما ما قيل من أن جمع هذه الحيوانات والإبقاء عليها فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها، وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة، وأن بيت المال مرصود لمصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل، وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه إلى غير ذلك مما أوردوه من تعليلات، فهي غير مسلمة لأمور:

الأول: إن الشريعة الإسلامية رتبت الأجر العظيم على رعاية تلك الحيوانات والقيام عليها حتى التي لا تدرك لها فائدة ولا منفعة في ظاهر الأمر، فامرأة بغي غفر لها بسبب سقيها لكلب كان يأكل الثرى من العطش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015