علمت أن خبيثا لا يكفر خبيثا قط؟

حدثنا عبد الرحمن بن زياد عن أبي مليح عن ميمون بن مهران قال: قال ابن عمر لابن عامر وقد سأله عن العتق، فقال: مثلك مثل رجل سرق إبل حاج ثم جاهد بها في سبيل الله فانظر هل يقبل منه؟

وقد كان طائفة من أهل التشديد في الورع كطاوس ووهيب بن الورد يتوقون الانتفاع بما أحدثه مثل هؤلاء الملوك. وأما الإمام أحمد رحمه الله فإنه رخص فيما فعلوه من المنافع العامة؛ كالمساجد والقناطر والمصانع، فإن هذه ينفق عليها من مال الفيء، اللهم إلا أن يتيقن أنهم فعلوا شيئا من ذلك بمال حرام؛ كالمكوس والغصوب ونحوهما، فحينئذ يتوقى الانتفاع بما عمل بالمال الحرام.

ولعل ابن عمر رضي الله عنهما إنما أنكر عليهم أخذهم لأموال بيت المال لأنفسهم، ودعواهم أن ما فعلوه منها بعد ذلك فهو صدقة منهم، فإن هذا شبيه بالمغصوب. وعلى مثل هذا يحمل إنكار من أنكر من العلماء على الملوك بنيان المساجد.

قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: رأيت بعض المتقدمين سئل عمن كسب حلالا أو حراما من السلاطين والأمراء ثم بنى الأربطة والمساجد هل له ثواب؟ فأفتى بما يوجب طيب قلب المنفق وأن له في إنفاق مالا يملكه نوع سمسرة؛ لأنه لا يعرف أعيان المغصوبين فيرد عليهم.

قال: فقلت: واعجبا من متصدرين للفتوى لا يعرفون أصول الشريعة، ينبغي أن ينظر في حال هذا المنفق أولا، فإن كان سلطانا فما يخرج من بيت المال فقد عرفت وجوه مصارفه، فكيف يمنع مستحقيه ويشغله بما لا يفيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015