ورضا الأطراف الثلاثة قائم، وليست هذه حوالة معلقة على شرط (تسليم المستندات) ، بل حوالة مطلقة منجزة بدين مؤجل، يحل عند تقديم هذه المستندات، وقد قبلها المحال عليه (المصرف الوسيط) بأمر المحيل، فيحق له الرجوع عليه، وقد يدفع الآمر جانبا من مبلغ الاعتماد مقدما إلى المصرف، ففي هذه الحال يكون طلب فتح الاعتماد توكيلا بالأداء إلى الدائن فيما قدمه الآمر، وحوالة في الباقي.

ولا بأس فيها بالعمولة المصرفية؛ لأنها منفصلة عن الحوالة فليست حوالة بأجر حتى يقال: إن ذلك يتنافى مع طبيعتها من كونها عقد إيفاء واستيفاء لا غير أو عقد إرفاق، إنما هي أجرة مستحقة لأجير (هو المصرف) على الأعمال الكثيرة التي يقوم بها، كما حررناه في بحث التحويل المصرفي (ر: ف \ 362) وقد يعترض على هذا الحل بأنه لا يطابق ما هو مقرر في التقنيات الحديثة من أنه لا علاقة للمصرف الذي أصدر الاعتماد بصحة البيع أو بطلانه؛ ذلك لأن الحوالة -من الوجهة الشرعية الإسلامية- تبطل إذا تبين بطلان البيع الذي بنيت عليه. وإذا كان المحال عليه قد دفع إلى المحال فإنه يتخير بين الرجوع على القابض، لفساد قبضه، والرجوع على المحيل، كما في الحوالة الصحيحة (ر: ف \ 257) .

وللرد على هذا الاعتراض يلزم توضيح الفارق بين نظرة الفقه الإسلامي إلى الحوالة وبين موقف التقنينات الحديثة في الاعتماد المستندي.

فالفقه الإسلامي يجعل بين الحوالة والبيع الذي أحيل فيه بالثمن أو عليه علاقة وثيقة، فإذا تبين بطلان البيع كان طبيعيا أن تبطل الحوالة المرتبطة به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015