أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (?)
وجه الدلالة: أن الله تعالى لما ذكر الندب إلى الإشهاد والكتب لمصلحة حفظ الأموال - عقب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتب وجعل لها الرهن، ونص على السفر الذي هو غالب الأعذار، لا سيما في ذلك الوقت؛ لكثرة الغزو، ويدخل في ذلك المعنى: كل عذر، فرب وقت يتعذر فيه الكاتب في الحضر؛ كأوقات أشغال الناس وبالليل، وأيضا فالخوف على خراب ذمة الغريم عذر يوجب طلب الرهن.
وأما السنة: فما ثبت في [الصحيحين] وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد (?) » ، وعن أنس قال: «رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله (?) » رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم رهن في الحضر ولم يكتب.
وأما المعنى: فإنه عقد وثيقة لجانب الاستيفاء، فيعتبر بالوثيقة في طرف الوجوب وهي الكفالة.
القول الثاني: أنه لا يصح في الحضر، قال القرطبي: ولم يرد عن أحد منعه في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود، وقال ابن حزم: لا يجوز اشتراط الرهن إلا في البيع إلى أجل مسمى في السفر خاصة وفي السلم إلى أجل مسمى في السفر خاصة أو في القرض إلى أجل مسمى في السفر