فأجاب: نعم، يجوز أن يعطى الإمام والمؤذن من مثل هذا الوقف الفائض رزق مثلهما، وإن كان زائدا على ثلثين، بل إذا كانا فقيرين، وليس لما زاد مصرف معروف جاز أن يصرف إليهما منه تمام كفايتهما. وذلك لوجهين:

أحدهما: أن تقدير الواقف دراهم مقدرة في وقف مقدار ريع قد يراد به النسبة، مثل أن يشرط له عشرة، والمغل مائة، ويراد به العشر، فإن كان هناك قرينة تدل على إرادة هذا عمل به. ومن المعلوم في العرف أن الوقف إذا كان مغله مائة درهم، وشرط له ستة، ثم صار خمسمائة، فإن العادة في مثل هذا أن يشرط له أضعاف ذلك، مثل خمسة أمثاله، ولم تجر عادة من شرط ستة من مائة أن يشترط ستة من خمسمائة، فجعل كلام الناس على ما جرت به عادتهم في خطابهم.

الثاني: أن الواقف لو لم يشترط هذا فزائد الوقف يصرف في المصالح التي هي نظير مصالحه، وما يشبهها، مثل صرفه في مساجد أخر، وفي فقراء الجيران، ونحو ذلك؛ لأن الأمر دائر بين أن يصرف في مثل ذلك، أو يرصد لما يحدث من عمارة، ونحوه، ورصده دائما مع زيادة الريع لا فائدة فيه، بل فيه مضرة، وهو حبسه لمن يتولى عليهم من الظالمين المباشرين والمتولين الذين يأخذونه بغير حق.

وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه حض الناس على مكاتب يجمعون له، ففضلت فضلة؛ فأمر بصرفها في المكاتبين والسبب فيه: أنه إذا تعذر المعين، صار الصرف إلى نوعه؛ ولهذا كان الصحيح في الوقف هو هذا القول، وأن يتصدق بما فضل من كسوته، كما كان عمر بن الخطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015