عمر: «كنا نبتاع الطعام فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه (?) » ، وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل: فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه وبه قال الأوزاعي وإسحاق، واحتج لهم بأن الجزاف مرئي فتكفي فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون.

وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعا «من اشترى طعاما بكيل أو وزن فلا يبعه حتى يقبضه (?) » ، ورواه أبو داود والنسائي بلفظ: «نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه (?) » ، والدارقطني من حديث جابر: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع والمشتري (?) » ، ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وفي ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل، وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافا فقبضه فاسد، وكذا لو اشترى مكايلة فقبضه موازنة وبالعكس، ومن اشترى مكايلة وقبضه ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا، وبذلك كله قال الجمهور، وقال عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا، وقيل: إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول وإن باعه بنسيئة لم يجز بالأول، والأحاديث المذكورة ترد عليه، وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك. والله أعلم.

وقوله: "جزافا" مثلثة الجيم والكسر أفصح، وفي هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا، سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم، وعن مالك التفرقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015