من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يظن بأحد منهم أن يقدم على قوله: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حرم أو فرض) إلا بعد سماع ذلك ودلالة اللفظ عليه، واحتمال خلاف هذا كاحتمال الغلط والسهو في الرواية، بل دونه، فإن رد قوله: (أمر) ونحوه بهذا الاحتمال، وجب رد روايته لاحتمال السهو والغلط وإن قبلت روايته: وجب قبول الآخر.

وأما شهادة العرف بذلك: فأظهر من أن تحتاج إلى تقرير، بل قد علم الله وعباده من المتبايعين ذلك: قصدهما أنهما لم يعقدا على السلعة عقدا يقصدان به تملكها ولا غرض لهما فيها بحال. وإنما الغرض والمقصود بالقصد الأول: مائة بمائة وعشرين. وإدخال تلك السلعة في الوسط تلبيس وعبث، وهي بمنزلة الحرف الذي لا معنى له في نفسه، بل جيء به لمعنى في غيره. حتى لو كانت تلك السلعة تساوي أضعاف ذلك الثمن. أو تساوي أقل جزء من أجزائه لم يبالوا بجعلها موردا للعقد؛ لأنهم لا غرض لهم فيها. وأهل العرف لا يكابرون أنفسهم في هذا.

وأما النية والقصد: فالأجنبي المشاهد لهما يقطع بأنه لا غرض لهما في السلعة وإنما القصد الأول مائة بمائة وعشرين، فضلا عن علم المتعاقدين ونيتهما؛ ولهذا يتواطأ كثير منهم على ذلك قبل العقد ثم يحضران تلك السلعة محللا لما حرم الله ورسوله.

وأما المقام الثاني: - وهو أن الوسيلة إلى الحرام حرام- فبانت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول، فإن الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة، وسمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون مثل ذلك: مخادعة، كما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015