الرابع: أن الضمان يكون فيه الضامن فرعا عن المضمون، وعليه فليس لصاحب الحق الرجوع على الضامن إلا بعد العجز عن أخذ حقه من المضمون، وعلى أشد الأحوال يكون صاحب الحق مخيرا بين الرجوع على الضامن أو المضمون، وليس كذلك الحال في التأمين فإن رجوع صاحب الحق على المؤمن دون المستأمن.

الخامس: أن الضامن يرجع على المضمون بما دفع عنه، وليس كذلك الحال في التأمين بكونه معاوضة لا ضمانا، وإذا ثبت الفرق بينهما في الحقيقة والآثار لم يصح قياس التأمين على الضمان.

هـ- واستدلوا: بقياس عقود التأمين على ضمان خطر الطريق.

وبيان ذلك: أنه إذا قال شخص لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن، وإن أصابك فيه شيء فأنا ضامن، فسلكه فأخذ ماله ضمن القائل، فكذا القول في عقود التأمين، فإن المؤمن ضمن للمستأمن مبلغا يدفعه له أو عنه أو للمستفيد بشروط تراضيا عليها، فإذا أجاز ضمان خطر الطريق مع وجود الجهالة ولزم الوفاء به عند حصول الحادث جازت عقود التأمين ولزم الوفاء بها، حيث لا فرق، ومن فرق بينهما كابن عابدين لو كان في عصرنا، وشاهد تزايد أسباب الأخطار، وعرفوا فكرة التأمين، ولمسوا الضرورة التي نلمسها لما ترددوا في مشروعية نظام التأمين.

ونوقش: بأن بينهما فروقا:

الأول: أن الضمان نوع من التبرع يقصد به المعروف المحض، والتأمين عقد معاوضة مالية يقصد منها أولا الربح المادي، فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015