الذي ليس بمطابق ظاهر في وقوع وصف المطابقة أو عدمها بالفعل، وذلك مختص بالحال والماضي، وأما المستقبل فليس فيه إلا قبول المطابقة وعدمها، ونحن متى حددنا بوصف نحو قولنا في الإنسان: الحيوان الناطق أو نحوه، إما نريد الحياة والنطق بالفعل لا بالقول، وإلا لكان الجماد والنبات كله إنسانا؛ لأنه قابل للحياة والنطق، وهذا التعليل يؤيد القول الأول.

ومنهم من يقول: الكل يدخله الكذب، وإنما سومح في الوعد تكثيرا للعدة بالمعروف، فعلى هذا لا فرق بين الكذب والوعد، والأول هو الذي ظهر لي؛ لعدم تعيين المطابقة وعدمها اللذين هما ضابطا الصدق والكذب، وعلى ذلك يقع الفرق بينه وبين الكذب وبين الصدق، فلا يوصف بواحد منهما ويختص بالماضي والحاضر- وبعد إيراده اعتراضا وإجابته عنه قال: واعلم أن الفقهاء اختلفوا في الوعد هل يجب الوفاء به شرعا أم لا؟ قال مالك: إذا سألك أن تهب له دينارا فقلت: نعم، ثم بدا لك لا يلزمك، ولو كان افتراق الغرماء عن وعد وإشهاد؛ لأجله لزمك، لإبطالك مغرما بالتأخير.

قال سحنون: الذي يلزم من الوعد قوله: اهدم دارك وأنا أسلفك ما تبني به واخرج إلى الحج وأنا أسلفك أو اشتر سلعة أو تزوج امرأة وأن أسلفك؛ لأنك أدخلته بوعدك في ذلك، أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق، وقال أصبغ: يقضي عليك به تزوج الموعود أم لا. وكذا أسلفني لأشتري سلعة كذا، لزمك، تسبب في ذلك أم لا. والذي لا يلزم من ذلك أن تعده من غير ذكر سبب فيقول: أسلفني كذا، فتقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015