قال أبو جعفر: وهذا أولى مما قيل في الآية إنها محكمة لعلتين: إحداهما: أنه إنما يجعل النسخ على ما لا يصح المعنى إلا به وما كان منافيا، فأما ما صح معناه وهو متلو فبعيد من الناسخ والمنسوخ.

والعلة الأخرى: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح الإسناد، كما حدثنا أحمد بن شعيب قال: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا إسحاق الأزرق عن زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن إبراهيم عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة (?) » . فبين بهذا الحديث أن الحلف غير منسوخ، وبين الحديث الأول وقول مجاهد وسعيد بن جبير أنه في النصر والنصيحة والعون والرفد، ويكون ما في الحديث الأول من قول ابن عباس نسختها يعني {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} (?) ؛ لأن الناس يتوارثون في الجاهلية بالتبني وتوارثوا في الإسلام بالإخاء ثم نسخ هذا كله فرائض الله بالمواريث (?)

وقال الجصاص: باب ولاء الموالاة: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (?) وروى طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (?) قال: كان المهاجر يرث الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى الله بينهم، فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} (?) نسخت، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015