على ذلك بقوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (?) {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (?) فأوجب علينا دعاءه لأبيه الذي ولده، دون من تبناه، وحرم التبني، ثم أمر عند عدم العلم بالأب بأن يدعى أخاه في الدين ومولاه، كما «قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة أنت أخونا ومولانا (?) » ، وقال صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس (?) » .

فجعل سبحانه الولاء نظير النسب، وبين سبب الولاء في قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} (?) فبين أن سبب الولاء: هو الإنعام بالإعتاق، كما أن سبب النسب هو الإنعام بالإيلاد، فإذا كان قد حرم الانتقال عن المنعم بالإيلاد فكذلك يحرم الانتقال عن المنعم بالإعتاق؛ لأنه في معناه، فمن اشترط على المشتري أن يعتق ويكون الولاء لغيره فهو كمن اشترط على المستنكح أنه إذا أولد كان النسب لغيره.

وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إنما الولاء لمن أعتق (?) » .

وإذا كان كتاب الله قد دل على تحريم هذا المشروط بخصوصه وعمومه: لم يدخل في العهود التي أمر الله بالوفاء بها؛ لأنه سبحانه لا يأمر بما حرمه، مع أن الذي يغلب على القلب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد إلا المعنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015