للعالم الإسلامي أحكاما إسلامية مدونة، وبلادنا أقدر البلاد الإسلامية على مثل تلك المبادرة؛ لعدم وجود أي سيادة أو فكر للقانون الوضعي. والحمد لله.

خامسا: أن الإلزام بقول معين كان موضع الاعتبار والتنفيذ من الصدر الأول في الإسلام. ففي عهد عثمان رضي الله عنه جمع القرآن على حرف واحد، ومنع القراءة بالحروف الأخرى، وأحرق المصاحف المخالفة؛ وذلك تحقيقا لمصلحة المسلمين، وحفاظا على وحدة القرآن أن يكون موضع اختلاف، وكان الخير فيما فعل، ولا يرد ما قيل بأن الرسم العثماني كان مشتملا على جميع القراءات السبع حسب العرضة الأخيرة، فإن العرضة الأخيرة لم يشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا زيد بن ثابت، وليس في أمر عثمان للأربعة الأفاضل الذين عهد إليهم بالمهمة أن يكون الجمع طبقا للعرضة الأخيرة. ثم إن تنقيط المصحف كان في القرن الأول من قرون الإسلام قام به الحجاج بن يوسف، وقد تلقاه الناس بالقبول والارتياح، واعتبرت هذه مزية كريمة للحجاج، مع أن التنقيط يستلزم إلغاء القراءات الأخرى في الرسم العثماني، على افتراض أن يشملها بدون تنقيط. وفي عهد معاوية ألزم بتوريث المسلم من الكافر دون العكس، فكان شريح يقضي بذلك ويقول: هذا قضاء أمير المؤمنين، وفي زمننا صدرت عن الجهة المسئولة في القضاء لدينا مجموعة تعاميم لاعتبارها في المحاكم والتمشي بموجبها، ومن ذلك الاستشمام ومقادير الديات ونظام المساييل وغيرها.

سادسا: ما يقال بأن التدوين خطوة إلى إلغاء الشريعة الإسلامية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015