مفهوم الآية- الذي اتفق العمل عليه- يوجب أنه غير منهي عنه.

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط عام حجة الوداع الربا الذي في الذمم، ولم يأمرهم برد المقبوض وقال صلى الله عليه وسلم: «أيما قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وأيما قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام (?) » وأقر الناس على أنكحتهم التي عقدوها في الجاهلية، ولم يستفصل: هل عقد به في عدة أو غير عدة؟ بولي أو بغير ولي؟ بشهود أو بغير شهود؟ ولم يأمر أحدا بتجديد نكاح ولا بفراق امرأته، إلا أن يكون السبب المحرم موجودا حين الإسلام كما أمر غيلان بن سلمة الثقفي الذي أسلم وتحته عشر نسوة أن يمسك أربعا ويفارق سائرهن، وكما أمر فيروز الديلمي الذي أسلم وتحته أختان أن يختار إحداهما ويفارق الأخرى، وكما أمر الصحابة من أسلم من المجوس أن يفارق ذوات المحارم.

ولهذا اتفق المسلمون على أن العقود التي عقدها الكفار يحكم بصحتها بعد الإسلام إذا لم تكن محرمة على المسلمين، وإن كان الكفار لم يعقدوها بإذن الشارع، ولو كانت العقود عندهم كالعبادات لا تصح إلا بشرع لحكموا بفسادها أو بفساد ما لم يكن أهله مستمسكين فيه بشرع.

فإن قيل: فقد اتفق فقهاء الحديث وأهل الحجاز على أنها إذا عقدت على وجه محرم في الإسلام ثم أسلموا بعد زواله: مضت، ولم يؤمروا باستئنافها؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، فليس ما عقدوه بغير شرع دون ما عقدوه مع تحريم الشرع، وكلاهما عندكم سواء.

قلنا: ليس كذلك، بل ما عقدوه مع التحريم إنما يحكم بصحته إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015