لا يشك مسلم بتحريمه، وأنه مما أهل به لغير الله، وذكر إبراهيم المروذي: أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أهل لغير الله. اهـ. فمن ذبح للصنم أو لموسى أو لعيسى أو غيرهما فكل هذا حرام، ولا تحل الذبيحة، سواء كان الذابح مسلما أو كافرا، وبعضهم أباح هذه الذبائح مستدلا بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (?) وهذه ذبائحهم، والصحيح: ما ذكرنا؛ لما أشرنا إليه من الأدلة، ولا مخالفة حتى يطلب الجمع، إذ ذبيحة الكتابي مباحة، فلا تباح المنخنقة والموقوذة وما أهل به لغير الله؛ لأن خانقها وواقذها وذابحها من أهل الكتاب.

قال الشيخ تقي الدين بن تيمية بعد كلام في الجمع بين قوله: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (?) وقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (?) قال: والأشبه بالكتاب والسنة ما دل عليه كلام أحمد من الحظر، وإن كان من متأخري أصحابنا من لا يذكر هذه الرواية بحال؛ وذلك لأن قوله: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} (?) عموم محفوظ لم تخص منه صورة بخلاف طعام الذين أوتوا الكتاب، فإنه يشرط له الذكاة المبيحة، فلو ذكى الكتابي في غير المحل المشروع لم تبح ذكاته، ولأن غاية الكتابي أن تكون ذكاته كالمسلم، والمسلم لو ذبح لغير الله وذبح باسم غير الله لم يبح وإن كان يكفر بذلك، فكذلك الذمي؛ لأن قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (?) سواء، وهم وإن كانوا يستحلون هذا، ونحن لا نستحله، فليس كل ما استحلوه يحل لنا، ولأنه قد تعارض دليلان حاظر ومبيح، فالحاظر أولى أن يقدم، ولأن الذبح لغير الله أو باسم غيره قد علمنا يقينا أنه ليس من دين الأنبياء عليهم السلام - فهو من الشرك الذي قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015