بهذا اللفظ، على أنه لا دليل فيه، إذ المراد: سنوا بهم سنة أهل الكتاب فيما ذكر من أخذ الجزية منهم، ولو سلم بصحة هذا الحديث فعمومه مخصوص بمفهوم هذه الآية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (?)

القسم الثالث: أن لا يعلم هل هي من ذبائح أهل الكتاب أو غيرهم: فالقواعد الشرعية تقضي بالتحريم، فإن القاعدة الشرعية: أنه إذا اشتبه مباح بمحرم حرم أحدهما بالأصالة والآخر بالاشتباه، والقاعدة الأخرى: إذا اجتمع مبيح وحاظر قدم الحاظر؛ لأنه أحوط وأبعد من الشبهة. والأدلة دلت على البعد عن مواضع الشبهة، كما في الحديث: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات لا يعرفهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه (?) » ، وفي حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (?) » رواه النسائي والترمذي وصححه، ومما استدلوا به على التحريم في موضع الاشتباه: حديث عدي رضي الله عنه: «وإذا أرسلت كلبك المعلم فوجدت معه كلبا آخر فلا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره (?) » وفي رواية: «إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله فإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله (?) » متفق عليه.

أما هذه اللحوم فإنها وإن كانت تستورد من بلاد تدعي أنها كتابية فإنها حرام وميتة ونجسة، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها، وتحرم قيمتها، كما في الحديث «إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه (?) » وذلك لوجوه عديدة:

أولا: أن هذه الدول في الوقت الحاضر قد نبذت الأديان وخرجت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015