قال ابن حجر في الصيد: إن الأثر الذي يوجد فيه من غير سهم الرامي أعم من أن يكون أثر سهم رام وآخر، أو غير ذلك من الأسباب القاتلة فلا يحل أكله مع التردد، وقال أيضا عند قوله (وإن وقع في الماء فلا تأكل) ؛ لأنه حينئذ يقع التردد هل قتله السهم أو الغرق في الماء، فلو تحقق أن السهم أصابه فمات فلم يقع في الماء إلا بعد أن قتله السهم فهذا يحل أكله.

قال النووي في [شرح مسلم] : إذا وجد الصيد في الماء غريقا حرم بالاتفاق. اهـ، وقد صرح الرافعي بأن محله ما لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح فإن انتهى إليها بقطع الحلقوم مثلا فقد تمت ذكاته، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك (?) » فدل على أنه إذا علم أن سهمه هو الذي قتله أنه يحل، انتهى ملخصا من [فتح الباري] ، وقال الخطابي: إنما نهاه عن أكله إذا وجده في الماء لإمكان أن يكون الماء قد أغرقه، فيكون هلاكه من الماء لا من قبل الكلب الذي هو آلة الذكاة.

وكذلك إذا وجد فيه أثرا لغير سهمه، والأصل: أن الرخص تراعى شرائطها التي بها وقعت الإباحة فمهما أخل بشيء منها عاد الأمر إلى التحريم الأصلي: اهـ.

مما تقدم: يتضح تحريم اللحوم المستوردة من الخارج على الصفة التي سبق بيانها؛ وأن مقتضى قواعد الشرع يدل على تحريمها، كما في حديث عدي وغيره في اشتراك الكلب المعلم مع غيره، وفيما رماه الصائد بسهمه فوق في الماء لاحتمال أن الماء قتله، وفيما رواه الترمذي وصححه: «إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع (?) » أنه لا يأكله، فإنك ترى من هذا أنه إذا تردد الأمر بين شيئين مبيح وحاظر فيغلب جانب الحظر، وليس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015