ببطلان إجارة الإقطاع، وشبهته: أن المقطع لا يملك المنفعة، فيصير كالمستعير لا يجوز أن يكري الأرض المعارة.

وهذا القياس خطأ من وجهين:

أحدهما: أن المستعير لم تكن المنفعة حقا له، إنما تبرع المستعير بها، وأما أراضي المسلمين فمنفعتها حق للمسلمين، وولي الأمر قاسم بينهم حقوقهم، ليس متبرعا لهم كالمعير، والمقطع مستوفي المنفعة بحكم الاستحقاق، كما يستوفي الموقف عليه منافع الوقف وأولى، إذا جاز للموقف عليه أن يؤجر الوقف وإن أمكن أن يموت فتنفسخ الإجارة بموته على الصحيح - فلأن يجوز للمقطع أن يؤجر الإقطاع وإن انفسخت الإجارة بموته أولى.

الثاني: أن المعير لو أذن في الإجارة جازت الإجارة، وولي الأمر يأذن للمقطع في الإجارة، فإنه إنما أقطعهم لينتفعوا بها إما بالمزارعة، وإما بالإجارة، ومن منع الانتفاع بها بالإجارة والمزارعة فقد أفسد على المسلمين دينهم ودنياهم، وألزم الجند والأمراء أن يكونوا هم الفلاحين، وفي ذلك من الفساد ما فيه، وأيضا: فإن الإقطاع قد يكون دورا وحوانيت، لا ينتفع بها المقطع إلا بالإجارة، فإذا لم تصح إجارة الإقطاع تعطلت منافع ذلك بالكلية، وكون الإقطاع معرضا لرجوع الإمام فيه مثل كون الموهوب للولد معرضا لرجوع الوالد فيه، وكون الصداق قبل الدخول معرضا لرجوع نصفه أو كله إلى الزوج، وذلك لا يمنع صحة الإجارة بالاتفاق، فليس مع المبطل نص ولا قياس، ولا مصلحة، ولا نظير، وإذا أبطلوا المزارعة والإجارة ولم يبق مع الجند إلا أن يستأجروا من أموالهم من يزرع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015