وللفقهاء في أخذ الجعل على الشهادة أربعة أقوال، هي أربعة أوجه في مذهب أحمد وغيره:

أحدها: أنه لا يجوز مطلقا.

والثاني: لا يجوز إلا عند الحاجة.

الثالث: يجوز إلا أن يتعين عليه.

والرابع: يجوز، فإن أخذ أجرا عند العمل لم يأخذ عند الأداء، وهذه المسائل لبسطها مواضع أخر.

والمقصود هنا: أنه إذا كانت السنة قد مضت في مواضع بأن على المالك أن يبيع ماله بثمن مقدر، إما بثمن المثل، وإما بالثمن الذي اشتراه به، لم يحرم مطلقا تقدير الثمن، ثم إن ما قدر به النبي صلى الله عليه وسلم في شراء نصيب شريك المعتق هو لأجل تكميل الحرية، وذلك حق الله، وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله؛ ولهذا يجعل العلماء هذه حقوقا لله تعالى، وحدودا لله، بخلاف حقوق الآدميين وحدودهم، وذلك مثل: حقوق المساجد ومال الفيء والصدقات والوقف على أهل الحاجات والمنافع العامة ونحو ذلك، ومثل: حد المحاربة والسرقة والزنى وشرب الخمر، فإن الذي يقتل شخصا لأجل المال يقتل حتما باتفاق العلماء، وليس لورثة المقتول العفو عنه، بخلاف من يقتل شخصا لغرض خاص، مثل خصومة بينهما، فإن هذا حق لأولياء المقتول، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا عفوا باتفاق المسلمين، وحاجة المسلمين إلى الطعام واللباس وغير ذلك من مصلحة عامة، ليس الحق فيها لواحد بعينه، فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية، لكن تكميل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015