والشافعي وأهل الكوفة، وجمهور أهل العلم.

وقد أجيب عن حديث جدامة: بأنه على طريق التنزيه، وضعفته طائفة، وقالوا: كيف يصح أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كذب اليهود في ذلك، ثم يخبر به كخبرهم؟ هذا من المحال البين. وردت عليهم طائفة أخرى، وقالوا: حديث تكذيبهم فيه اضطراب. وحديث جدامة في الصحيح.

وجمعت طائفة أخرى بين الحديثين، وقالت: إن اليهود كانت تقول: إن العزل لا يكون معه حمل أصلا. فكذبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «لو أراد الله أن يخلقه لما استطعت أن تصرفه (?) » وقوله: «إنه الوأد الخفي (?) » ، فإنه وإن لم يمنع الحمل بالكلية، كترك الوطء، فهو مؤثر في تقليله. قالت طائفة أخرى: الحديثان صحيحان. ولكن حديث التحريم ناسخ. وهذه طريقة أبي محمد بن حزم. قالوا: لأنه ناقل عن الأصل. والأحكام كانت قبل التحريم على الإباحة ودعوى هؤلاء تحتاج إلى تاريخ محقق، يبين تأخير أحد الحديثين عن الآخر، وأنى لهم به؟

وقد اتفق عمر وعلي رضي الله عنهما: أنها لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع. فروى القاضي أبو يعلى وغيره بإسناده عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال: (جلس إلى عمر: علي والزبير وسعد رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتذاكروا العزل، فقالوا: لا بأس به، فقال رجل: إنهم يزعمون أنها الموءودة الصغرى. فقال علي: لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع، حتى تكون من سلالة من طين، ثم تكون نطفة ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، ثم تكون لحما، ثم تكون خلقا آخر. فقال عمر: صدقت. أطال الله بقاءك) وبهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015