ومن العلماء من فرق بين ما عقده لله من الوجوب وهو الحلف بالنذر، وما عقده لله من تحريم وهو الحلف بالطلاق والعتاق، فقالوا في الأول: عليه كفارة يمين إذا حنث، وقالوا في الثاني: يلزمه ما علقه، وهو الذي حلف به إذا حنث؛ لأن الملتزم في الأول فعل واجب فلا يبرأ إلا بفعله فيمكنه التكفير قبل ذلك والملتزم في الثاني وقوع حرمة، وهذا يحصل بالشرط فلا يرتفع بالكفارة.

والقول الثالث: هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، وعليه تدل أقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة، كما بسط ذلك في موضعه، وذلك أن الله تعالى قال في كتابه: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (?) إلى قوله {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (?) وقال تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?)

وثبت في [الصحيحين] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه (?) » .

وهذا يتناول جميع أيمان المسلمين لفظا ومعنى: أما اللفظ: فلقوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?) وقوله: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} (?)

وهذا خطاب للمؤمنين، فكل ما كان من أيمانهم فهو داخل في هذا، والحلف بالمخلوقات شرك ليس من أيمانهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك (?) » رواه أهل [السنن] أبو داود وغيره، فلا تدخل هذه في أيمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015