ومما أجيب به عن قوله - صلى الله عليه وسلم - للحارثيين: «إما أن تدوا صاحبكم، وإما أن تؤذنوا بحرب (?) » .

وما ذكره الباجي قال: يحتمل أن يريد بقوله: أن تدوا صاحبكم إعطاء الدية؛ لأنه قد جرى في كلام الحارثيين أنهم طلبوا الدية دون القصاص، ويحتمل أنهم لم يكونوا ادعوا حينئذ قتله عمدا، ويحتمل أنهم لما لم يعينوا القاتل، وإنما قالوا: إن بعض يهود قتله، ولا يعرف من هو - لم يلزم في ذلك قصاص، وإنما يلزم فيه الدية، كالقتيل بين الصفين لا يعرف من قتله، ولا يقول: دمي عند فلان، ولا يشهد شاهد بمن قتله، فإن ديته على الفرقة المنازعة له دون قسامة؛ ولذلك لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم بالقسامة في هذا المقام، ولعل هذا كان يكون الحكم إن لم يقطع يهود بأنها لم تقتل ولم تنف ذلك عن أنفسها وتقول: لا علم لنا، وإنما أظهر في المقام ما يجب من الحق إن لم يقع النفي للقتل الموجب للقسامة أن عليهم أن يؤدوا الدية، فإن امتنعوا من الواجب عليهم في ذلك فلا بد من محاربتهم في ذلك حتى يؤدوا الحق ويلتزموا من ذلك حكم الإسلام (?) . اهـ.

ومنهم من طعن في هذا الحديث لما جاء فيه: وإما أن تؤذنوا بحرب قال الخطابي: وقد أنكر بعض الناس قوله: وإما أن تؤذنوا بحرب وقال: إن الأمة على خلاف هذا القول، فدل على أن خبر القسامة غير معمول به.

وقد أجاب الخطابي عن هذا بقوله بعد ما ذكرت (قلت: ووجه الكلام بين، وتأويله صحيح، وذلك أنهم إذا امتنعوا من القسامة ولزمتهم الدية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015