تطعنى» ، فقبض الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فجاء بها إلى أبي بكر، فلم يقبلها، ثم جاء بها إلى عمر في خلافته، فلم يقبلها منه، وهلك في زمن عثمان، بعد أن لم يقبلها منه (?) .
وهذا معنى قوله: فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ أي: منعوا حق الله منه، وَتَوَلَّوْا عن طاعة الله، وَهُمْ مُعْرِضُونَ أي: وهم قوم عادتهم الإعراض عنها، فَأَعْقَبَهُمْ أي: فأردفهم نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ عقوبة على العصيان بما هو أشد منه، أو فجعل الله عاقبة فعلهم ذلك نفاقاً متمكناً في قلوبهم وسوء اعتقاد. قال البيضاوي: ويجوز أن يكون الضمير للبخل، والمعنى: فأورثهم البخلُ نفاقاً متمكناً في قلوبهم إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ، أي: يلقون الله بالموت، والمراد: يلقون جزاءه أو عقابه. وذلك بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ أي: بسبب إخلافهم ما وعدوه من التصدق والصلاح، وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ أي: وبكونهم كاذبين فيه فإن خلف الوعد متضمن للكذب، مستقبح من الوجهين.
أَلَمْ يَعْلَمُوا أي: المنافقون، أو من عاهد الله، أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ أي: ما أسروا في أنفسهم من النفاق، وَنَجْواهُمْ ما يتناجون فيه، فيما بينهم، من المطاعن وتسمية الزكاة جزية، وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ فلا يخفى عليه شيء من ذلك، والله تعالى أعلم.
الإشارة: في الحِكَم العطائية: «من تمام النعمة عليك: أن يرزقك ما يكفيك، ويمنعك ما يطغيك» . وقال أبو سعيد الخدري رضى الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «خير الرِّزقِ ما يَكفي، وخَيرُ الذِّكرِ الخَفيُّ» (?) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما طَلَعت شمسٌ إلا وَبِجَنْبيها ملكان يُناديَان، يُسمعان الخَلائِقَ: أيُّها النَّاس، هلمُّوا إلى ربَّكم، ما قَلَّ وكَفى خَيرٌ مما كَثرَ وألهى» (?) . وقال بعض العارفين: كل من لا يعرف قدر ما زوي عنه من الدنيا، ابتلى بأحد وجهين: إما بحرص مع فقر يتقطع به حسرات، أو رغبة في غنى تنسيه شكر ما أنعم به عليه.