وحسن اللون وأما وظائف الأذكار في تلك السنن فهي مكملات للحسن كاستقواس الحاجبين واستدارة اللحية وغيرهما
فالصلاة عندك قُرْبَةٌ وَتُحْفَةٌ تَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى حَضْرَةِ مَلِكِ الْمُلُوكِ كَوَصِيفَةٍ يُهْدِيهَا طَالِبُ الْقُرْبَةِ مِنَ السَّلَاطِينِ إِلَيْهِمْ وَهَذِهِ التُّحْفَةُ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
ثُمَّ تُرَدُّ عَلَيْكَ يَوْمَ الْعَرْضِ الْأَكْبَرِ فَإِلَيْكَ الْخِيَرَةَ فِي تَحْسِينِ صُورَتِهَا وَتَقْبِيحِهَا
فَإِنْ أحسنت فلنفسك وإن أسأت فعليها
ولا ينبغي أن يكون حظك من ممارسة الفقه أن يتميز لك السنة عن الفرض فلا يعلق بفهمك من أوصاف السنة إلا أنه يجوز تركها فتتركها فإن ذلك يضاهي قول الطبيب إن فقء العين لا يبطل وجود الإنسان ولكن يخرجه عن أن يصدق رجاء المتقرب في قبول السلطان إذا أخرجه في معرض الهدية فهكذا ينبغي أن تفهم مراتب السنن والهيئات والآداب فكل صلاة لم يتم الإنسان ركوعها وسجودها فهي الخصم الأول على صاحبها تقول ضيعك الله كما ضيعتني
فطالع الأخبار التي أوردناها في كمال أركان الصلاة ليظهر لك وقعها
ولنذكر في هذا الباب ارتباط الصلاة بالخشوع وحضور القلب
ثم نذكر المعاني الباطنة وحدودها وأسبابها وعلاجها
ثم لنذكر تفصيل ما ينبغي أن يحضر في كل ركن من أركان الصلاة لتكون صالحة لزاد الآخرة
اعْلَمْ أَنَّ أَدِلَّةَ ذلك كثيرة فمن ذلك قوله تعالى أقم الصلاة لذكري وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَالْغَفْلَةُ تُضَادُّ الذِّكْرَ فَمَنْ غَفَلَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ كَيْفَ يَكُونُ مُقِيمًا لِلصَّلَاةِ لِذِكْرِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تَكُنْ مِنَ الغافلين نهي وظاهره التحريم وقوله عز وجل حتى تعلموا ما تقولون تَعْلِيلٌ لِنَهْيِ السَّكْرَانِ وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الْغَافِلِ الْمُسْتَغْرِقِ الْهَمَّ بِالْوَسْوَاسِ وَأَفْكَارِ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الصَّلَاةُ تَمَسْكُنٌ وَتَوَاضُعٌ حَصْرٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَكَلِمَةِ إِنَّمَا لِلتَّحْقِيقِ وَالتَّوْكِيدِ وقد فهم الفقهاء من قوله صلى الله عليه وسلم إنما الشفعة فيما لم يقصر الحصر والإثبات والنفي وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا وَصَلَاةُ الْغَافِلِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صَلَاتِهِ التَّعَبُ وَالنَّصَبُ (?) وَمَا أَرَادَ بِهِ إِلَّا الْغَافِلَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْهَا (?) وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُنَاجٍ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (?) كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَالْكَلَامُ مَعَ الغفلة ليس بمناجاة ألبتة وبيانه أن الزكاة إن غفل الإنسان عنها مثلاً فهي في نفسها مخالفة للشهوة شديدة على النفس وكذا الصوم قاهر للقوى كاسر لسطوة الهوى الذي هو آلة للشيطان عدو الله فلا يبعد أن يحصل منها مقصود مع الغفلة وكذلك الحج أفعاله شاقة شديدة وفيه من المجاهدة ما يحصل به